تتسارع الأحداث في منطقتنا العربية بفعل حالة إعادة الاصطفاف على الصعيد العالمي، بفعل الحرب الروسية الاوكرانية، ومحاولات رأس الشر العالمي الدفاع الشرس، عن هيمنتها على العالم وزج أوروبا في حرب تدرك مسبقًا بأنها خاسرة وستجر لها الويلات على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، مما سيترك أثرًا كبيرًا على مستقبل ألعالم بشكلٍ عام وعلى منطقتنا العربية بشكلٍ خاص لاهمية موقع ودور بلدان المنطقة وأهمية الكيان الصهيونى بشكل خاص.
ففي الوقت الذي تقوم الولايات المتحدة الأميركية بتجيش ألعالم ضد روسيا والصين وتدفع بأنواع الأسلحة كافة، لساحة المعركة وتفرغ خزانات الدول الاوروبية لدعم الاقتصاد الأوكراني تقوم بذات الوقت بعملية تبريد سياسي إن صح التعبير في منطقتنا العربية عبر خفض التوترات الاقليمية بين دول المنطقة لضمان عدم إنفجارها لكي تتفرغ للحرب ضد روسيا من جهة، وإعادة تأكيد هيمنتها من جهة أخرى، وضمان أمن وسلامة الكيان الصهيونى الحليف والشريك الاستراتيجي للولايات المتحدة.
لقد ادى وقف الحرب العبثية التي شنها النظام السعودي والإماراتي على اليمن واضطرار النظام التركي، للدخول في مفاوضات مع سوريا التي خرجت منتصرة من الحرب الكونية التي شنت عليها، ولم تستطع إدامة فرض العقوبات والعزلة عليها ودعوة بن سلمان لسوريا، لحضور القمة العربية في جدة كلها أحداث دفعت الولايات المتحدة الاميركية، للهرولة نحو المنطقة لضبط إيقاع الاحداث والمتغيرات بما يبقي دورها وتحالفاتها الاخذه بتفكك التدريجي والبطيء، ولعل الأهم من ذلك سعي الإدارة الاميركية الى ضبط حكومة الاحتلال الصهيونية الدينية الفاشية لتخفيف حدة العنف الذي تمارسه في الارض الفلسطينية، وعدم استفزاز إيران عبر ضرب منشآتها النووية، وعدم الدخول في حرب مفتوحة مع أذرعها في لبنان وفلسطين المحتلة، وعدم تغيير الوضع التاريخي والقانوني للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة، والمس بالسيادة الهاشمية عليه، وعدم الدخول المباشر للكيان الصهيونى في الحرب الأهلية السودانية ومحاولة وقف الصراع فيها بالشراكة مع السعودية، ولكن الأهم من كل ذلك، وما دفع الولايات المتحدة الأميركية للهرولة للمنطقة، ومحاولة تبريد الصراعات فيها هو قوة وتنامي دور محور المقاومة
مما يعني اختلال موازين القوى لصالح هذا المحور، والذي يعني خروج الولايات المتحدة الأميركية وشريكها الكيان الصهيونى من المنطقة العربية، وهذا ما تحرص أمريكا على عدم حدوثه، لأسباب سياسية واقتصادية عديدة قد تسرع الى تغيير خارطة العالم التي ستخلو إن حدث من امريكا والكيان الصهيونى معا.
"محور المقاومة"
يلتقط المتغيرات
لقد أدركت الإدارة الأميركية أن محور المقاومة في تنام متسارع، فسوريا التي خرجت منتصرة بعد ١٢عاما من الحرب الكونية عليها، واضطرت دول المنطقة العربية لدعوتها، لحضور قمة جدة وكلمة الرئيس بشار الأسد في القمة وإعلانه عودة العرب الى سوريا تعكس خطابا سياسيًا غير مسبوق في أروقة السياسة العربية، وتعطي مؤشرًا واضحًا على تغير نمط الخطاب السياسي العربي، كذلك صمود فصيل فلسطيني أمام أعتى آلة عسكرية يمتلكها الكيان الصهيونى الذي يعاني من عملية شرخ بنيوي يطال مستقبل وجوده جعل امريكا تشك في قدرة هذا الكيان في الصمود في اي حرب أوسع من معركة ثأر الاحرار.
كذلك تلقى الكيان الصهيونى وحليفته رأس الشر العالمي صفعة موجعة من حزب الله اللبناني الذي أجرى مناورة تحاكي تحرير مستوطنة في الجليل تلاها خطاب امينه العام حسن نصر الله بأن المقاومة كما كانت مستعدة لمواجهة الاحتلال الصهيوني في معركة ثأر الأحرار إذا طلب منها ذلك هي مستعدة لضرب الاحتلال في العمق، مما اضطر قادة جيش الاحتلال للتراجع عن تصريحات سابقة تهدد حزب الله بأن الكيان سيقوم بحرب كبرى إذا استمر حزب الله بدعمه للمقاومة الفلسطينية وتهديد الكيان ليرد عليه أمين عام الحزب بآن على الكيان ان يخشى حربا كبرى قادمة وقريبة
ومما أربك الكيان الصهيونى ورأس الشر العالمي التصريحات غير المسبوقة للقيادة الإيرانية بالضرب، وبيد من حديد كل من يعتدي على المنشآت النووية ويقصد، بذلك رأس الشر العالمي والكيان الصهيونى وإعلان إيران عن صاروخ جديد بسرعة ٢٠٠٠ كم ويحمل متفجرات بزنة ١٥٠٠كلغم، رغم التقارب الايراني السعودي، الذي عولت عليه أمريكا بأنه سيخفف حدة التوتر، وكذلك تأكيد أمريكا تمسكها بالحوار مع إيران بما يخص نشاطها النووي، وكل ذلك لم يمنع ايران ان تعلن دعمها المادي والمعنوي لمحور المقاومة وتزويد رأس حربتها حزب الله والمقاومة الفلسطينية بالصواريخ، بل تعدت ذلك الى اعادة تأهيل الساحة السورية وتعزيز قدراتها الدفاعية عبر تزويدها بصواريخ ايرانية الصنع شبيهة بصواريخ اس٣٠٠ الروسية.
إننا أمام حالة من تغيير نمط المواجهة العسكرية على الأرض وتغير في الخطاب السياسي لمحور المقاومة وحالة من الاستنهاض والتوجيه والاستعداد لمكونات محور المقاومة في اليمن والعراق ولبنان وفلسطين وترتيب الاوضاع في سوريا لتكون ساحة المواجهة الشمالية مع الكيان الصهيونى عند حدوث ما تخشاه امريكا والكيان.